حملة المناصرة - من أجل تعزيز الرقابة على تمويل الحياة السياسية في تونس

Campagne de Plaidoyer - Pour un Renforcement du Contrôle du Financement de la Vie Politique en Tunisie

الدراسة التقييمية والحلول المقترحة

وقّع معنا على العريضة الشعبية

ما هي أسباب المطالبة بمراجعة الإطار القانوني والمؤسساتي المنظم لمراقبة استعمال المال في الحياة السياسية؟

أدى الانتقال الديمقراطي الذي شهدته تونس سنة 2011 إلى تنامي عدد الأحزاب السياسية التي أصبح بالإمكان إحداثها بناء على ممارسة الأفراد لحرياتهم وحقهم في المشاركة في الشأن العام، ولم يعد بالتالي للسلطة القدرة على التحكم في إحداثها بما يخدم توجهاتها وبرامجها. ولئن انطلق هذا الانفتاح مع انهيار المنظومة السابقة التي كانت تقوم على نظام الحزب المهيمن، في ظل القانون الأساسي عدد 32 لسنة 1988 المؤرخ في 3 ماي 1988 والمتعلق بتنظيم الأحزاب السياسية، فإن المرسوم عدد 87 لسنة 2011 المؤرخ في 24 سبتمبر 2011، والذي ألغى قانون 1988، ساهم في مزيد تفعيل حرية التنظم باعتبار التمشي الليبرالي الجديد الذي أقره فيما يتعلق بإحداثها. وقد بلغ اليوم عدد الأحزاب السياسية التي تم التصريح بها أكثر من 228 حزب.

وبالرغم من الانعكاسات الإيجابية لهذا الانفتاح على الحياة السياسية في تونس ومزيد دعم الانتقال الديمقراطي بما يخدم مقومات التعددية الحزبية والسياسية، إلا أنه يلاحظ أن الهيئة العليا لتحقيق أهداف الثورة والإصلاح السياسي والانتقال الديمقراطي، التي قامت بإعداد المرسوم عدد 87 لسنة 2011، لم تول مسألة الرقابة على الأحزاب السياسية، وخاصة تمويلاتها ونفقاتها، العناية اللازمة، إذ لا تخلو مقتضيات المرسوم من الغموض والثغرات التي تعكس في جانب كبير منها التسرع الذي شاب عملية إعداده.

وتنطوي مثل هذه الثغرات والنقائص على العديد من التهديدات للانتقال الديمقراطي في تونس ذلك أن ضعف منظومة الرقابة على تمويل الأحزاب السياسية ونفقاتها قد يمثل مدخلا لتفشي الفساد داخل الأحزاب، وضمن هياكل الدولة، بالإضافة إلى فتح المجال أمام الجهات الأجنبية والجريمة المنظمة للتدخل في الحياة السياسية ومحاولة التأثير فيها بما يخدم مصالحها.  

ولئن حاول المشرع التونسي تفادي البعض من هذه النقائص والثغرات في منظومة تمويل الحياة السياسية في تونس من خلال محاولة تنظيم تمويل الحملات الانتخابية وحملات الاستفتاء والإنفاق فيها، وذلك ضمن القانون الأساسي عدد 16 لسنة 2014 المؤرخ في 26 ماي 2014 والمتعلّق بالانتخابات والاستفتاء، إلا أنه بمراجعة المرسوم عدد 87 لسنة 2011 والقانون الانتخابي يتضح أن منظومة تمويل الحياة السياسية والرقابة عليها مازالت في حاجة إلى مزيد من التدقيق والإصلاح بما يضمن خاصة: تكافؤ الفرص بين مختلف المتنافسين السياسيين، وعدم غلبة المال على العملية السياسية، وشفافية ونزاهة عملية التمويل والإنفاق السياسيين، ونجاعة عمليات الرقابة والتناغم والتكامل بين مختلف مكوناتها والتنسيق بين مختلف المتداخلين فيها.

فبمراجعة القانون الانتخابي، والمرسوم عدد 87 لسنة 2011 المتعلق بالأحزاب السياسية، والقانون الأساسي عدد 41 لسنة 2019 المنظم لمحكمة المحاسبات، يتضح أن المشرع لم يتمكن إلى اليوم من بناء نظام مكتمل لمراقبة تمويل الحياة السياسية والإنفاق فيها، ذلك أنه اعتمد منهجيات مختلفة للرقابة في هذه القوانين. فمن ناحية، تم ضمن القانون الانتخابي توزيع اختصاص مراقبة تمويل الحملات الانتخابية بين الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ومحكمة المحاسبات، مع تحديد الإطار الزمني لتدخل الهيئة في الفترة الانتخابية (الفصول 71 و89 و143) ومحكمة المحاسبات أثناء الحملة الانتخابية وإثر الإعلان عن النتائج للنهائية للانتخابات والاستفتاءات (الفصلان 91 و92).

وأما فيما يتعلق بالمرسوم عدد 87 لسنة 2011، وبالرغم من ارتباط مسألتي تمويل الأحزاب السياسية وإنفاقها بصفة مباشرة بتمويل الحملات الانتخابية والحملات المتعلقة بالاستفتاء، إلا أن المشرع اتبع تمش مغاير في هذا المجال حيث أرسى نظاما للرقابة يقوم على تدقيق القوائم المالية للأحزاب السياسية من قبل مراقب أو مراقبي حسابات، ثم على إحالة تقرير التدقيق إلى لجنة ثلاثية، تتكون من الرئيس الأول للمحكمة الإدارية والرئيس الأول لمحكمة الاستئناف بتونس ورئيس الهيئة الوطنية للخبراء المحاسبين بالجمهورية التونسية، للمصادقة على القوائم المالية للحزب على ضوء تقرير تدقيق الحسابات (الفصل 26). ويمكن للوزير الأول بناء على تقرير تدقيق الحسابات التنبيه على الحزب المخالف لإزالة المخالفة في أجل شهر من تاريخ توجيه التنبيه وإلا رفع المسألة إلى القضاء لإصدار العقوبات المناسبة (الفصل 28). وأما محكمة المحاسبات فإنها لا تتدخل في عملية الرقابة على تمويل الأحزاب السياسية، حيث أن المرسوم عدد 87 لسنة 2011 لم يرتّب أي تبعات على إيداع التقرير المالي السنوي للحزب لديها (الفصل 27)، ولم يشر إلى أي نوع من الرقابة قد تمارسها المحكمة على هذا التقرير. ومما يؤكد هذا الفهم لأحكام المرسوم المذكور أن القانون الأساسي عدد 41 لسنة 2019 المنظم لمحكمة المحاسبات اعتمد نفس التوجه الذي أقره سابقا القانون عدد 8 لسنة 1968 لمؤرخ في 8 مارس 1968 والمتعلق بتنظيم دائرة المحاسبات، فلا تتدخل المحكمة في مراقبة حسابات الأحزاب السياسية إلا في حالة حصولها على مساعدة عمومية، وذلك لتقييم نتائج المساعدة الاقتصادية أو المالية الممنوحة لها من قبل الهياكل العمومية (الفصل 13 من القانون الأساسي عدد 41 لسنة 2019).

وفي محاولته لتجاوز هذا النقص في بعض جوانبه، أوجب المشرع ضمن الفصل 92 فقرة 2 من القانون الانتخابي على محكمة المحاسبات مراقبة حسابات القائمات المترشحة عن هذه الأحزاب بمناسبة الانتخابات، ومراقبة حسابات الأحزاب السياسية المشاركة في الاستفتاء، وذلك بالتوازي مع مراقبة حسابات الحزب الذي تنتمي إليه القائمات الفائزة في الانتخابات التشريعية أو الجهوية أو البلدية. وعليه فإن الأحزاب التي لم تفز قائماتها في الانتخابات والأحزاب التي لديها مترشحين في الانتخابات الرئاسية لا تخضع لأي رقابة على تمويلها وإنفاقها.

إنه لمن المؤكد أن تجنّب إحكام عملية تمويل الأحزاب السياسية والحملات الانتخابية أو المتعلقة بالاستفتاء والرقابة عليها لن يؤدي إلا إلى تقويض مبادئ الشفافية والنزاهة وتكافؤ الفرص بين المتنافسين السياسيين أثناء الانتخابات والاستفتاءات، بل قد يعرض مسار الانتقال الديمقراطي إلى انتكاسة كبرى إذ أنه لا يتضمن أي آليات فعالة لضمان احترام الأحزاب السياسية لقواعد التمويل والإنفاق مثلما أقرها المرسوم عدد 87 لسنة 2011. ومما يزيد من خطورة هذه الثغرات وتهديدها لعملية الانتقال الديمقراطي في تونس أيضا ضعف الضوابط المتعلقة بتمويل الأحزاب السياسية.

ولهذا الغرض، عملت جمعية شباب بلا حدود منذ سنة 2013 على تقديم حلول فعالة في مجال تمويل الحياة السياسية، وهي تقود اليوم حملة مناصرة تحت عنوان "من أجل تعزيز الرقابة على تمويل الحياة السياسية في تونس"، والتي تندرج ضمنها الدراسة التقييمية الحالية، والتي تمثل محاولة لتشخيص مواطن الخلل في منظومة الرقابة على تمويل الأحزاب السياسية والحملات الانتخابية وحملات الاستفتاء في تونس، بالإضافة إلى تقديم مجموعة من الحلول القانونية المتكاملة التي من شأن تكريسها من قبل مجلس نواب الشعب أن يسهم في حماية مسار الانتقال الديمقراطي ويدعم ثقة الناخب في الأحزاب كآلية لممارسة السلطة والمشاركة في الشأن العام.

شباب بلا حدود - بعد آخر للمواطنة

ورقات من حملة المناصرة

في بعض التساؤلات حول مراقبة تمويل الحملات الانتخابية في تونس

تهدف هذه الورقة إلى التعريف بأهم الإشكالات التي يطرحها التوزيع الحالي للمهام الرقابية بين الهيئة العليا المستقلة للانتخابات ومحكمة المحاسبات، في ظل القانون الانتخابي الحالي.

في بعض الإشكاليات المتعلقة بمراقبة تمويل الأحزاب السياسية في تونس

تهدف هذه الورقة إلى تقديم رسم توضيحي حول الهياكل المكلفة بمراقبة التصرف المالي للأحزاب السياسية في تونس وبعض الإشكاليات والنقائص التي تطرحها، وذلك طبقا للمرسوم عدد 87 لسنة 2011 المؤرخ في 24 سبتمبر 2011 والمتعلق بالأحزاب السياسية، والقانون الأساسي عدد 41 لسنة 2019 المؤرخ في 30 أفريل 2019 والمتعلق بمحكمة المحاسبات.

جلسة استماع بمجلس نواب الشعب: من أجل تعزيز الرقابة على تمويل الحياة السياسية في تونس

قدمت جمعية شباب بلا حدود توصياتها ومقترحاتها بخصوص تنقيح القانون الانتخابي، وذلك يوم الجمعة 21 ماي 2021، خلال جلسة استماع عقدتها لجنة النظام الداخلي والحصانة والقوانين البرلمانية والقوانين الانتخابية بمجلس نواب الشعب. وقد مثلت جمعية شباب بلا حدود في هذه الجلسة كل من ريم بوهلال وأمل الشيخ ونهال بروق. وتندرج هذه الجلسة في إطار حملة […]

للمزيد

تمويل الأحزاب السياسية والرقابة عليها في تونس

تمويل الحملات الانتخابية في تونس

الرقابة على تمويل الحملات الانتخابية في تونس

تابعونا على شبكات التواصل الاجتماعي

الحملة الوطنية لإصلاح المنظومة الانتخابية

حل الشانطي